أحلام فتيات مشاكسات

يقفن على حافة سور الدار، حيث تتدلى أزهار الياسمين البيضاء من الجهة اليمنى، وتغطي جزءاً من السور، كما تغطي بعض أغصان الدالية  الجهة اليسرى.

تقف الشابات الصغيرات بضفائرهن المجدلة يتحدثن ويضحكن بصوت عالٍ، يثرن الضجيج والمرح مساء، قبل غروب الشمس بقلبل.

يمر أمام السور الرجال والنساء، فيلاحظون وجود الفتيات المشاكسات الصاخب، يبتسمون لهن، ولكن الفتيات ينفجرن ضاحكات، فيبدو ضحكهن وكأنه نوع من الاستهزاء بالمارة. تلاحظ احدى النساء ما يجري، فتنهر الفتيات قائلة لهن: عيب يا صبايا، لا يليق بالبنات الضحك بصوت عالٍ، 

يزداد ضحك البنات وصخبهن، ولا يأبهن للملاحظة، يسير المارة بطريقهم ويختفون بعد عدة خطوات باتجاه طلعة ترابية حادة الى اليمين من حافة السور الغربية، فتتنهد هيام صاحبة الشعر القصير الوحيدة قائلة: من تحفظ بيت شعر من الغزل سأهديها وردة..! تقول فريال: بسيطة أنا أحفظ هذا البيت” فوددت تقبيل السيوف لأنها… تقاطعها ريما قائلة: اياك أن تكملي.. ممنوع التحدث عن التقبيل على قارعة الطريق، تقول ليلى: هذا البيت موجود في كتاب المطالعة، وعلى فكرة هو يريد تقبيل السيوف فقط.  تحاول فريال اكمال بيت الشعر قائلة” لأنها لمعت كبارق ثغرك المتبسم”

 الله .. الله.. هتفت ليلى: هذا بيت شعر جميل، من تستطيع قول بيت شعر يبدأ بحرف الميم،

” ما كل ما يتمنى المرءٌ يدركه…تجري الرياح بما لا تشتهي السفن” تنشد ريما، فتصيح فريال أريد وردة من هيام، أين وردتي؟ تركض هيام خلف الدار وتقطف برعم ورد على وشك التفتح وتعود لتنضم الى فريق الفتيات المشاكسات قائلة: هذا ما وعدتك به، دعونا نكمل، علينا أن نقول بيت شعر يبدأ بحرف “النون” قبل أن تغرق سفينة ريما. انعام ماذا لديك؟ هل تحفظين شعرا؟ هو بيت شعر يبدأ بحرف النون لا أحفظ غيره سأقوله ورزقي على الله: قولي ولا تهابي تشجعها هيام..

تقول: نسي الطين أنه طين حقير.. فصال تيها وعربد——-وكسا الخز جسمه فتباهى.. وحوى المال كيسه فتمرد. صاحت ليلى : لا أصدق أن انعام تحفظ هذا الشعر..! كيف حصل وحفظته؟ هذا شعر يردده أخي دائما فحفظته من كثرة ما سمعته. على فكرة ما معنى كلمة ” الخز”، يمكن أن يكون معناها ” الحرير”. عفاك يا انعام. هل نكمل يا فتيات؟ تسأل هيام؟ تقول ليلى هل هي حصة عربي ؟ أنا افضل الغناء.. يمر في نفس اللحظة رجلان يلبس أحدهما طربوشا على رأسه: ينظران الى الفتيات مليا، فيتحدث لابس الطربوش موجها الكلام لهيام صاحبة الشعر القصير قائلا: أنت يا فتاة، بأي صف تدرسين؟ أجابت هيام: أنا في الصف السادس. يقول لها: أنت ستصبحين مشهورة وغنية..!

يتعالى صوت الفتيات قائلات بسخرية: يا سلام .. هذا الرجل يقرأ البخت، وأنا يا عم .. أنا ماذا سيحصل معي؟ تسأل فريال: فيجيب الرجل: ستقطعين بحورا ثم يصمت.. وماذا بعد؟ لا أدري غير هذا يا فتاة. ويكمل الرجلان طريقهما، ويختفيان خلف زاوية السور سائران باتجاه الطلعة الحادة.

يخيم الصمت هنيهة على الفتيات، ولكنهن يبدأن فجأة بالغناء.. ” جدلي يا ام الجدايل جدلي.. وافرحي واتهني وخللي الجد الي.. والله يا حلو مهما جدً لي .. بتظل المحبوب وما عنك غنى..

ينفجرن ضاحكات وتتسائل انعام: مين المحبوب اللي ما عنه غنى..؟

تجيب ليلى المحبوب الذي لا غنى عنه في هذه اللحظة… هو.. رغيف الخبز.. أنا جائعة الآن.. أريد أن آكل. 

ماذا لديكم يا هيام؟ 

تجيب هيام : لا أدري.. ولكن انا متأكدة من وجود الخبز واللبنة والزيتون.

تقول ريما: عندنا في البيت بقايا كعك، خبزتها امي بالأمس.

تصيح ليلى: هاتو أي شىء أريد أن آكل الآن..!

تأكل الفتيات، ولكنهن لا ينسين ما قاله الرجل الذي يلبس الطربوش. 

يقلن لهيام: اذا صدق قارىء البخت الغريب، هل ستتذكرين صديقاتك؟

تجيب هيام طبعا طبعا، عندما أصبح مشهورة، سأقول لمن يسألني أنكن كنتن صديقاتي.

يتساءلن: هل هذا كل شىء؟

تجيب هيام: اذا أصبحت غنية.. سأشتري لكل واحدة منكن بكلة لربط الشعر، يهجمن على هيام قائلات: يا بخيلة، نريد نقودا لا بكلاً..

تصيح بصوت عال: حاضر، سأرسل لكل واحدة مليونا، ولكن لا تضغطن عليً فإذا مت الآن، فلن تحصلن على مليم واحد من النقود.

يزداد صخب الفتيات وضحكهن، تأتي أم هيام وتقول: يكفي يا بنات.. ماذا جرى لكن؟ قليل من الهدوء الآن. 

تنادي أم انعام على ابنتها وتدعوها للعودة الى البيت. 

تتفرق الصديقات على أمل اللقاء في المدرسة.

بقلن لفريال: اذا سافرت لا تنسِِ هذا المساء، ثم ارسلي عنوانك لهيام لتحصلي على مليونك. 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *