فيسبوك 23 تموز 2020
كدت أنسى ٢٣ يوليو، ولكن فجأة تذكرت أن هذا اليوم من الأيام العزيزة على قلبي. قبل ستين عاما ونيف، تحرك الجيش المصري ليحرر مصر العروبة من النظام الفاسد الذي ضيع فلسطين، وابتعد عن عمقه العربي.أقول حقيقة بهذه المناسبة، إنه لولا ٢٣ يوليو لما تعلم آلاف مؤلفة من الشباب العربي والإفريقي والآسيوي في جامعات مصر العروبة، ومنهم أنا. حققت حلم أبي في دراسة طب الأسنان، وكانت من الكليات المميزة آنذاك. عندما استلمت البرقية التي تؤكد قبولي، طرت على جناح الطير، كنت أسير في ساحات جامعة القاهرة بخيلاء، مع أنني أحس في داخلي أنني نحلة صغيرة تحوم في الأجواء المبهرة لشابة تسعى للمعرفة، وتزاحم آلاف الطلاب والطالبات على مقعد في المدرج المكتظ، وللحق كان الطلبة والطالبات والمدرسين والمدرسات يحبون طلبة بلاد الشام ” الشوام”.عند تنحي عبد الناصر بعد هزيمة ١٩٦٧،كنت من الذين هرعوا إلى الشوارع نستنكر الهزيمة ونطالب بعودة عبد الناصر،وقد اعترف الروس مؤخراً، أن مستوى الأسلحة السوفييتية الممنوحة لمصر وسوريا لم تكن بمستوى ما منح لعدونا من الولايات المتحدة، إلى جانب أسباب أخرى معروفة. كما شاركت بورقة تحت عنوان ” عبد الناصر والتعليم” بمناسبة مرور ٢٥ عاما على رحيل القائد الذي عشت في زمنه خمس سنوات كاملة.درست مجانا في أحسن الجامعات، حضرت المسرحيات، وذهبت لرؤية أهم الأفلام، قرأت أهم الكتب،والمجلات، واستمعت للإذاعات المصرية التي كانت من أهم وسائل الاتصال الجماهيري، اشتريت من أسواق مصر كل ما رغبت به،كما ارتدت المقاهي والمطاعم والكازينوهات المنتشرة على شواطئ النهر الخالد، سمعت أحلى الأغاني من أم كلثوم وعبد الوهاب وعبد الحليم وغيرهم. أقول تشكل وعيي القومي وتجذر في مصر العروبة، قبل خمسة عقود ونيف. وكل هذا بفضل ثورة ٢٣ يوليو المجيدة. سقى الله تلك الأيام الرائعة التي منحتني علما وثقافة وانتماء.