أقيم معرضاً لكتاب صدر عن مؤسسة “حوش” ،الفن الفلسطيني مؤسسة الثقافات الثلاث وبدعم من القنصلية الأسبانية العامة في القدس ، لأربعين فنانة فلسطينية في مؤسسة شومان للفنون . وفي المدخل هناك عنوان فرعي وهو ” الأرض = الجسد=الرواية .
من يذهب للمشاركة يتوقع أو يعتقد أن الهم الفلسطيني يسكن الفنان الفلسطيني ، ولكن ، المفاجأة كانت أن هذا الكتاب ليس معنياً بما يجري في فلسطين ، بل لنقل أن ما أختير من أعمال الفنانات الفلسطينيات لا يعبر أبداً عما يعيشة الشعب الفلسطيني منذ ستين عاماً .
كانت صدمة لمن تصفح الكتاب أن يرى صوراً شبه تجريدية ، شبه عري، شبه فن ، اللهم إلا من صفحتين أو ثلاث يظهر فيها أن فلسطين موجودة في فن فناناتنا .
وعندما بحث المهتمون عن هذه المؤسسة “الحوشية” تبين أن هناك من يمول مثل هذا التوجه في فن الفنانات ، ويمول مثل هذه الكتب حتى يظهر أن آخرهم للفلسطيني هو الاحتلال أو الجدار أو القتل اليومي المبرمج أو اغلاق الحدود أو عزل الناس في مدن وقرى غير متصلة أو بناء المستطونات أو حرق الأشجار أو حرث الحقول أو اغلاق المعابر أو خنق الابداع أو منع حرية القول والفعل والتنقل والسكن والعمل والغذاء والعلاج وغيرها من مقومات الحياة .
أين الاحتلال في أعمال الفنانات ؟
صورة واحدة مكتوب عليها جملة يخطها طفل ، وفي لوحات الفنانة تمام الأكحل والفنانة سامية الزرو .
إذا وقع الكتاب بعد عقد أو عقدين في يد ناقد فني عربي أو عالمي ، سيكون تعليقه أن آخرهم يسكن المواطن الفلسطيني هو احتلال وطنه ، بدليل أن الفنانات الفلسطينيات يعبرن عن ذواتهن وصراعاتهن الذاتية تجاه حريتهن الشخصية في التعبير .
تحت مسمى ” السياق والمنهج ” نقرأ ما يلي :
أن هناك خلفية فلسطينية سياسية تعرض نفسها في أعمالهن ، حتى وإن لم ترد بوضوح ، ولكنها تتسرب في ممارساتهن . والكثير من الفنانات يقطن في الشتات .! فقد ظلت القضية الفلسطينية نقطة مرجعية ، نجدها في طيات أعمالهن حتى إذا طغى التجريد على هدفهن، أو حتى إذا لم تكن الرمزية السياسية هي هدفهن المباشر ، فإن هناك إشارة باطنية لفلسطين .
لا أدري كيف أفسر هذا التحليل ، هل تكون فلسطين “إشارة باطنية ” في أعمال فنانات فلسطينيات تسكن قضيتهن قلب كل عربي ومسلم ؟
جاء ذكر الاحتلال والصهيونية مرة أو مرتين ، والتركيز كان على تحليل الأعمال الفنية دون ابراز الاحتلال بشكل مباشر في تشكيل وعي الفنانات الفلسطينيات. في الفصل الثاني يأتي التركيز على ما يسمى الخبرة المجسدة – أنا الجسد، حيث نقرأ (( معظم الفنانات اللوات اتبعن هذا النمط والأسلوب وهو الأسلوب الذي كنقطة أساس لكيفية فهمنا للعالم )) كن يعشن في أوروبا أو أمريكا حيث وجدن المجتمع الذي يتقبل إظهار جسد المرأة من خلال الفن .
في سياق التحليل في هذا الفصل هناك فذلكة في قضية الجسد تصلح للتحليل الفلسفي ، ولكنها لا تجعل القارئ أو المتفرج مدركاً أو متعاطفاً مع هذا الكشف القسري عن الجسد وربط قضيته بأرض الوطن ، كما جاء في السياق .
وفي الخاتمة نقرأ ” استبدلن الأرض بأشخاصهن ، في البداية بوضع أجسادهن وأنفسهن كلاعبات أساسيات في أعمالهن الفنية . ونصل إلى .. ربما بجانب القصة أو الأرض وهي تتقاطع لتخلق سرداً جديداً ، لهذا السبب هذه النظرية لا تلتزم بروابط الزمان والمكان الفلسطيني في أعمال معظم الفنانات الفلسطينيات . ومن هنا رأيت أن هذا الكتاب وهذا الفن مقصود لتفكيك ارتباط الفنان والفن في القضية الوطنية ، وما يثير الشك هو الجملة الموسومة داخل الكتاب “مؤسسة الثقافات الثلاث ” أي ثقافات ثلاث يعنون ؟؟