فيسبوك 24 آب 2020
تعرضت أثناء حياتي الممتدة لعقود لحالات من البلص لا تُعد ولا تُحصى. الحقيقة التي يعرفها الأطباء، بخاصةٍ أطباء الأسنان، أن من ٧-١٠ ./. من أتعابهم لا تُدفع لأسباب متعددة!هذا مقبول نوعاً ما، لكن الغريب أننا مطموع بنا من المراجعين والشحادين والنصابين في الشارع، بخاصةٍ، الطبيبات. أصبحتُ أُدرك أن من يأتي للعيادة ويبدأ في كيْل المديح المجاني، وهو أنني أشطر دكتور،وأنه أتى لعيادتي بناء على توصية من فلان وفلان، أضحك في سري وأبدأ في العلاج، وعندما نأتي لموضوع الأتعاب يقول بكل ثقة:أنه مستعد للدفع ما أطلب، لكنه لم يحتط الآن، غداً سيمر ويدفع. ولم أره فيما بعد!
وهنا أتذكر قول الدكتور المصري الذي قال لنا في محاضرة في عمان: لا تُتم العمل من الجلسة الأولى إذا لم تكن تعرف المراجع! وإذا كان العلاج لا يتضمن عمل المختبر، فالمبلغ بسيط، لكن إذا كان العملُ يحتاج لجسر أم تلبيسة أو طقم أو حزئية؛ فهنا تكون الخسارة مضاعفة. هناك من يخطط لهذا البلص، يدفع في بداية العمل جزءاً من الأتعاب، فيطمئن الطبيب لنواياه، وعندما يأتي وقت التسليم ويقوم الطبيب بتيثبت الجسر أو التلبيسة، أو يُسلّم الطقم أو الجزئية، يعتذر المريض أنه لم يُحضر باقي المبلغ ويذهب غالباً ولا يرد على تلفونه. هذه ليست القاعدة بالطبع، فهناك مراجعون يدفعون ما يترتب عليهم من الجلسة الأولى. وقد نصحني د. ابراهيم كاتبة الذي اشتريتُ منه عيادتي في شارع الأمير محمد عام1972، أن أصعب المراجعين هم المعارف البعيدين؛ فاحذري منهم.. ولم آخذ بنصيحته.
هذا جانب عانيتُ منه كثيراً، لكن الجانب الآخر هم الطامعون بمبلغ بسيط، فيلجأون للعيادات والمكاتب للحصول على خمسة أو عشرة دنانير. مثلاً يأتي شخص تعرفه معرفة بسيطة، يجلس في العيادة ويبدأ بتذكيرك أننا كنا جيران أو أنه انتخبني في الانتخابات التي خضتها عام 1989، كنتُ أجيب: كل الشرفاء انتخبوني. أحدهم عرَّفني على نفسه أنه يعمل مهندساً في شركة كذا، فأرحب به، ثم يقول: حبيت أسلم عليكِ، فأجيب: أهلين. ثم عندما يهم بالذهاب يقول أنه محتاج” 20 دينار “، وسيأتي غداً لتسديدها؛ فأخجل وأعطيه وأنا شبه متأكدة أنها لن تعود. وعندما أخبرتُ أخي بالحادثة قال لي: هذا المهندس معروف لدى المعارف بهذا الأسلوب. احذري في المرات القادمة. وللحديث بقية!