فيسبوك 6 تموز 2020
الإقامة في بيوت الطالبات متعة، وقد أتيح لي السكن في ثلاثة بيوت في القاهرة أيام الدراسة قبل أكثر من خمسة عقود.بيت الطالبات الفلسطينيات في الدقي، 10 شارع أحمد نسيم،كانت تُدير البيت الصديقة منى حمزة، أم يسار، وهي مصرية متزوجة من الأردني زهير حمزة. ليكن ذكرهما دائماً.كان بيتاً فخماً في عمارة تُطل على النيل / الدور الأخير، وكان يُقيم في العمارة الكاتب أحمد بهاء الدين. هذه الشقة الباذخة كانت سكناً لطبيب فاروق الخاص، وكانت زوجته ناهد سيدة مجتمع أرستقراطية معروفة.كانت الشقة من طابقين أحدهما ” رووف “، وغرف النوم كانت تقع في هذا الطابق، والأرضية كانت من الباركيه، وبالنسبة لنا تعتبر أرضية فخمة، وقد لاحظنا أن هناك ثقباً في المرآة في غرفة النوم الرئيسية، وهو ثقب نتيجة إطلاق رصاصة في هذا المكان. كنا نصعد للطابق الثاني عبر درج”سلم”، لولبي خشبي يُشبه خشب الباركية أيضاً.كُنتُ أتشاقى وأحمل عظمة الفخذ، التي كنا ندرس تفاصيلها كطلبة طب، وأقف في نقطة معينة على الدرج، وأحاول إخافة الزميلات وهن ينزلن على الدرج في ليالي الامتحانات القاسية، حيث كانت المكتبة المعدة للدراسة تقع في الروف. يا للهول! كانت تصيح الزميلات ويسامحنني ونضحك من خوفهن من عظمة ميّت!وأحياناً نُحضر الضفادع المطلوب تشريحها لنتعلم عليها، وإذا غافلتنا الضفادع وهربت من الكيس تنتشر في البيت ويبدأ صراخ الطالبات ونركض خلفها لنلمها.كُنتُ أنسج علاقات طيبة مع معظم الطالبات، وكنت أشتري الصحف والمجلات المصرية، روز اليوسف وصباح الخير لنرى الكاريكاتيرات الرائعة، كت أقرأ الكتب الصادرة حديثا وأحضر الأفلام العالمية، كما كُنتَ أذهب للمسرح مع الصديقة فريدة مرعي، وأنام في بيتها بعد أخذ الإذن من المشرفة، كنا نعود بعد منتصف الليل من المسرح والبيت يغلق الساعة التاسعة والنصف. وكثيرا ما كُنتُ أقابل أساتذة الجامعة في المسرح، ويستغربون وجودي كطالبة طب في المسرح. كانت أيام العز والفرح واكتساب المعرفة والثقافة، وهكذا حصلتُ على شهادتين، شهادة تحصيل العلم وشهادة الثقافة والمعرفة والحياة المنفتحة على آفاق التنوير. وللحديث بقية.