فيسبوك 31 أيار 2020
داومتُ في عيادتي في الشميساني، ترتب على الانتقال الطلب من مؤسسة الاتصالات نقل رقم تلفوني من وسط البلد للشميساني، يا للهول! كان من الصعب أن يتم هذا الفعل ببساطة. سريت منذ الساعة الثامنة صباحاً لعمارة البرج في جبل عمان، قابلت فتاة اسمها صباح، تفاءلتُ خيراً، قدمتُ لها الطلب، نظرتْ إليّ شزراً وهي تنظر إلى شاشة الكمبيوتر قائلة: طلبك مش عندي، انزلي الدرج لقسم الأرشيف في التسوية وقدمي الطلب هناك. للعلم كان استخدام الكمبيوتر في البدايات، نزلتُ الدرج ووصلت للتسوية تحت الأرض، دخلت منقبضة النفس على هالصباح غير المريح، رأيتُ كهلاً يجلس خلف مكتبه، ابتسم الرجل مرحباً، لاحظتُ أن مكتبه نظيف، وشممتُ رائحة الياسمين التي تفوح من كوب على المكتب به ضمة من أزهار الياسمين، واسبرتاية عليها إبريق الشاي، وصوت فيروز يصدح من راديو صغير بجانب الرجل. جلست وقدمتُ طلبي، نهض الرجل وذهب خلف الرفوف وعاد بعد دقائق يحمل ملفاً، وقال: هذا ملفك به أول طلب تقدمتِ به للحصول على تلفون البيت ثم طلب الحصول على تلفون العيادة عام 1972. قام الموظف بما هو لازم ووعدني خيراً. عدتُ إلى عيادتي وأنا أفكر في المفارقة بين الست صباح والموظف الكهل، وكتبت مقالتي الأسبوعية حول هذه المفارقة. في اليوم التالي لنشر المقال رن تلفون العيادة” رقم د. ابراهيم ” طبعاً الذي أرغب في تغييرة لرقم عيادتي في البلد، وإذا بالست صباح تردح وتشتم وتهدد! بعد عدة شهور أخبرتني السكرتيرة أن هناك مريضاً لا يرغب في ذكر اسمه، عندما قابلته بادرني قائلاً: أنا الكهل الذي خدمك في مؤسسة المواصلات، ضحكنا وخدمته كما خدمني.