فيسبوك ٣ كانون الثاني ٢٠٢٢
ذات أمسية، تذكرتُ والصديقات والأصدقاء، الكاتبات والكتاب، تلك الغابة التي سُمّيت ” غابة الأدباء والكتاب”.
ذهب الأدباء والأديبات وزرعوا أشجارهم، شتلات يانعة،
وكان أهم بند في هذا النشاط هو وضع شاهد حجري مكتوب على صفحته الملساء اسم المبدع أو المبدعة.
قالت الصديقة الشاعرة: ذكّرتِني بما اقترحه ” أبو الزوز “،
سألتها مين أبو الزوز يا رفيقة؟ أجابت: مش مهم، الأهم ما الذي اقترحه علي في لحظة أنس، اقترح أن نذهب لتفقد الشجرة في تلك الغابة الإبداعية لعلها طرحت كتاباً جديداً او بيت شعر ٍ أو كلمة على أحد فروعها، ضحكنا وقررنا زيارة الغابة.
لكن أبو الزوز اقترح أن نستفيد من الزيارة، وقال: إذا وجدنا الشجرة يابسة كما هو متوقع، نسرق، عفواً، نأخذ الشاهد الحجري المكتوب عليه اسمك الميمون ونحتفظ به إلى أن يحين رحيلك! ثم نضعه كشاهد على قبرك، وبهذا نكون قد وفرنا ثمن الشاهد!
ضجّ الحضور بالضحك.. وهنا قالت الصديقة الروائية:
أنا عندي اقتراح أفضل، هاتِ ما عندك يا رفيقة؟
قالت: لنسمها غابة ومقبرة الأدباء والكتاب لتصبح معلماً سياحياً غير مسبوق في الوطن العربي على الأقل، ثم ننقل إليها أبرز الراحلين في القرن العشرين، وهذا أفضل من أن تظل
رفاتهم مشتتة في سحاب وأم الحيران والفحيص والسلط والكرك وإربد والطفيلة والزرقاء وغيرها من مدن الوطن.
وهكذا نجمع شملهم في مكان واحد تحت ظلال الأشجار اليابسة! وإذا أتى زائر عربي مثلاً، لزيارة غالب هلسا، لن يضطر للذهاب إلى مادبا مثلاً، فيذهب لزيارة غالب ويرمي السلام على كل الراحلين من المبدعين الأردنيين.
وضج الضحك مرة أخرى، واستحسن القاص الفذ الفكرة وقال:
أقترح أن يُبنى كوخاً للرابطة في الطرف الغربي من سور الغابة المقبرة، وعندما تُعقد الاجتماعات يشارك في النشاط الأدباء الراحلين والأحياء!
وهنا تذكرتُ نكتة رواها لنا أستاذ في الجامعة قبل عقود،
حيث قال بخفة الدم المعهودة عن الأخوة المصريين:
قال: رحل زميل مسيحي، ودُفن خطأً في مقبرة للمسلمين،
في الصباح قال له الرفاق: إنت لابس هدومك، اذهب واشتري لنا الشاي والقهوة، مرت الأيام والرفاق يطلبون شايا ً وقهوة من الرفيق الذي يلبس هدومه، أخيراً فاض الكيل وصاح بهم ذات يوم، سأخلع هدومي وأشهد مثل ما تشهدون وأتمدد لأرتاح!
وهنا ضج الضحك أيضاً!
لكن لن ننسى قصة ” وجيه فاضل”، الذي يرحل كل يوم،
إذ كانت هذه الكليشيه تُكتب على رأس الصفحة كلما يرحل
شخص يعتقد أهله أنه وجيه وفاضل: حيث علّق أحد الظرفاء:
يا حرام كل يوم يرحل وجيه فاضل، الله يساعد أهله!
وضح الضحك للمرة الأخيرة وقالت الكاتبة:
أنتم ترشون على الموت سكراً، ولكني أتساءل: لماذا كل الذين يرحلون هم من الطيبين والمعطائين الذين قدموا للوطن كل
الدعم والانتماء والحب والإخلاص.
ولكن لم نلحظ أو نقرأ نعياً حقيقياً واحداً عن الذين نهبوا وسرقوا وهربوا الأموال، واغتنوا من الفساد الوظيفي أو التمويل المشبوه.
أخيراً أقترح على أهلي أن يكتبوا على شاهد قبري، ” بعد عمر طويل”، رحلت ذات اللسان الطويل والقلم الأطول على الفاسدين والحرامية والحراميات، الذين عرفتهم أثناء حياتها، ولم ترحمهم في الكتابة عنهم واستغابتهم عندما تُتاح لها الفرصة في شتمهم وإلقاء الضوء على أساليبهم الملتوية في النهب والسرقة.
الرحمة للجميع من الشرفاء من المبدعين والكتاب وغيرهم ممن يستحقون الذكر الطيب