طبيبة

للعلم فقط،

تخرجتُ من جامعة القاهرة                                                             عام 1969

رقمي في سجلل نقابة أطباء الأسنان                                          142

كنتُ النقابية رقم                                                                             20

كنتُ ثاني طبيبة تفوز في مجلس النقابة                                  عام 1992

وأول طبيبة ترشح نفسها كنقيب لمجلس النقابة                   عام 1994

افتتحتُ عيادتي في شارع الأمير محمد                                     عام 1971

قصتي مع عيادتي الأولى،

تحمست خالتي وأقرضتني ألف وثمانيماية دينار بعد استخارة روحية لأشتري عيادة د. ابراهيم كاتبة في شارع الأمير محمد الواقعة في منتصف درج الأردن، وسط البلد.

ومن الصدف الغريبة أيضا” أنني اشتريت عيادتي الثانية بعد ثلاثة عشر عاما”، أي عام 1984 من د. ابراهيم الزرو في الشميساني،

واقترضتُ المبلغ وقيمته ستة آلاف دينار من صديق، وهكزا قضيتُ سنوات من عمري وأنا أسدد ديوني.

عانيت كثيراً عندما بدأت عملي في عيادتي الأولى، فقد اكتشفت أن المراجعين لم يقتنعوا بي كطبيبة في البدايات، وكانوا يسألون عن الطبيب اعتقاداً منهم أنني السكرتيرة الجديدة للدكتور ابراهيم. وكانت د. آمال قدري اليوسف قد افتتحت عيادتها قبلي بسنوات في وسط البلد الا أنها لم تستمر.

كان يأتي المراجعون دون موعد مسبق، وعندما أقابلهم يسألون: أين الطبيب؟ ثم يعرفون أنني أنا الطبيبة، فأرى خيبة الأمل على وجوههم. وكنت أكتب لهم عنوان د. ابراهيم في جبل اللويبدة. وقد هاتفني د. ابراهيم قائلا: لم لا تعالجين المرضى الذين يأتون إلى العيادة؟ كنت أبتسم وأقول له: ” ما بدهم دكتورة بدهم دكتور إله خبره”، .

مع مرور الزمن بدأ العمل بالتحسن، لكنني كنت أحس بالحرج عندما أطلب أتعابي، خصوصاً من المعارف والأصدقاء والأقارب، إلى أن نصحني د.كاتبة قائلا: إذا لم تأخذي أجرك سيذهبون لطبيب آخر ولا يعودون. تعلمي من تجربتي.

وحدثني عن قصة السن الذهبية التي كان موضة في ذلك الزمن، حيث ترغب الفتيات بتلبيس الثنية في الفك العلوي كجزء من مهر العروس يثبتونه في عقد الزواج، لكن د. كاتبة كان يحاول إقناع العروس أن هذا يعني نحت السن وإضعافه، ولا يؤيد من حيث المبدأ أن يلبس سناً سليمة. ثم سمع ذات مرة، إحدى الشابات تتندر عليه وتقول لأمها: هذا الدكتور ” ما بعرف يركب يلبس سن ليش فاتح العيادة!” سنذهب لدكتور شاطر.

ثم قررتُ أن ” أطرق السن الذهبية”، وعملتُ ثروة من هذا التقليد.

وكان من المألوف أن لا يطلب طبيب الأسنان كشفية من المراجعين، وهذا يعني أن يدخل المريض لعيادة الطبيب ويفحص أسنانه وفمه، وقد يكتب له الطبيب وصفة طبية، ثم يخرج المراجع من العيادة دون أن يدفع مليماً واحداً. حاولت أن أغير هذا التقليد وأطلب نصف دينار بدل كشفية، إلا أن المرضى كانوا يستهجنون دفع الكشفية.

وكان شقيقي عدنان يتندر ويقول: هدى ما بتحب تعالج أصحاب القبات المنشاة، أي طبقة الموظفين، فهؤلاء مفلسون غالباً،

ولكنها ترحب بعمال الكراجات ولابسي الأفرهولات، لأنهم دفيعة. فهؤلاء الكسيبة يقدرون العمل اليدوي ويحترمون الأطباء.

 كانت تحصل في العيادة بعض النوادر، مثلاً، كان يمر العمال الوافدون متأخرين للعلاج، وغالباً ما يحتاجون قلع الضرس .دخل أحدهم من العمال المصريين، وعندما أعطيته إبرة البنج، أُغمي عليه، ويبدو أنه كان يعمل طول النهار دون أن يأكل، فأخذت أصفعه بقوة كي يصحو، وأتممتُ العمل. عاد للعيادة بعد شهرين ولم أعرفه بالطبع، فقال لي: “يا دكتورة أنا اللي أخذتيني بالألم قبل شهرين”.

 “، وفي مرة دخل أحد المراجعين، ويبدو أنه يدخل لعيادة أسنان للمرة الأولى

 “قلت له اتفضل اقعد على الكرسي، فقال لي يعني أنبطح هون!

ومن النوادر أيضاً أن زميلا كاتباً اعترف لي أنه كان يرغب في أن يصفعني ليؤدبني عندما قلت له بعد أن فحصتُ فمه، ليش أهملت أسنانك، ستفقدها خلال خمس سنوات. فانزعج من ملاحظتي. ولكن بعد سنوات عندما حصل ما  تنبأت به، عاد إلي طالباً الصفح على سوء ظنه بي.

بعد حوالي ثلاثة عشر عاماً قررتُ أن أنتقل من وسط البلد إلى الشميساني، شارع إيليا أبو ماضي، ولا أزال أعمل في عيادتي حتى الآن.

طبعاً أعلنتُ عن انتقال العيادة، إلا أن بعض المراجعين لم ينتبهوا، وقد دخل ذات يوم زوج إحدى السيدات يطلب موعداً لزوجته قائلا: دوختيني يا دكتورة وأنا ألأف أبحث عنك، فقلت لنفسي: سيأتي المخلصون من المراجعين، وبالفعل أصبح العمل جيداً بعد فترة عل الرغم من ارتفاع أجرة العيادة، حيث أصبحت قيمة الأجرة خمسة عشر ضعفاً عما كنتُ أدفعه وسط البلد.

وهكذا مرت الأيام، وقد مرت خمسة وثلاثون عاماً على عملي في عيادتي في الشميساني، وعامان على عملي في جيش التحرير الفلسطيني، وثلاثة عشر عاماً في عيادتي في وسط البلد.

خمسون عاماً على تخرجي من جامعة القاهرة ولا أزال أعمل.

على كرسي طب الأسنان في جامعة القاهرة مع الزميل سامي سماوي.