تحدثت سابقاً عن نفسي ككاتبة، وهذه حكايات قد تكون مشوّقة.
كنت أقضي جزءاً من وقتي وحيدة في عيادتي، أقرأ الصحف والمجلات والكتب، وقرأت مرة مقالاً لكاتب أردني في جريدة الرأي ينتقد المرأة بطريقة استفزتني، فكتبت رسالة مغفلة من التوقيع أرد من خلالها على هذا الكاتب، نُشرت الرسالة في بريد القراء.
بعد فترة قابلتُ الكاتب لأوصّل له رسالة من صديقة في بيروت تكتب القصة القصيرة.
قال لي: أنت أرسلت لي رسالة مغفلة من التوقيع لكنني عرفتُ بطريقتي أنك من أرسلت تلك الرسالة خاصة أنني قابلتك مرة واحدة في مصر.
فوجئتُ ودُهشت وأنكرت، إلا أن هذا كان حافزاً لي أن أكتب المقالات في تلك الصحيفة.
أرسلت مقالاتي ونُشرت، ولم أكن أتقاضى أي مردود مادي لعدة سنوات، إلى أن تنبه رئيس التحرير آنذاك “الراحل محمود الكايد” أنني مواظبة على الكتابة، فاتصلت السكرتيرة قبل عيد الميلاد لتقول لي أن لي ٤٠٠ دينار عداً ونقداً مقابل مقالاتي، وكان لهذا المبلغ قيمة معنوية كبيرة في مسيرة حياتي. فيما بعد كنت أقدّم المطالبات شهرياً لأحصل على مبلغ بسيط آخر كل شهر.
وفي عام ١٩٨٠ علمتُ أن الجمعية العلمية الملكية ترغب في دعم كتب علمية للأطفال، وقررتُ أن أكتب “قصة الأسنان”، وهو كتاب تثقيفي للشباب واليافعين حول صحة الأسنان، ونشرته على حسابي. إلا أن شراء وزارة التربية والتعليم للنسخة الأولى سدّد التكلفة.
وبدأت أفكّر جدياً في الكتابة المنتظمة.
ولا أنسى ما قاله لي أحد الكتاب عندما قرأ إحدى مقالاتي، إذ قال لأصدقائه: “وُلدت كاتبة”، وأعتقد أن الكاتب أو الكاتبة المبتدئة تحتاج للدعم من الكُتّاب والقرّاء أيضاً.
لا أنسى معلمتي في الثانوية “نهيلة كلبونة”، فهي أول من شجعني، حيث كانت ترى في أسلوبي في الإنشاء والنقد الأدبي نفحة موهبة.
وهكذا… كتبت عدة كتب للأطفال واليافعين إلى أن خضتُ الانتخابات النيابية عام ١٩٨٩، فكتبت كتابي “انطباعات في التجربة الانتخابية” ونشرته عام ١٩٩٠. وقد قال لي المخرج “سعود خليفات” حينذاك، إن ما كتبته يصلح كسيناريو لفيلم، ولكن كان يجب أن تذكري تفاصيل أكثر عن مشاهداتك في الحملة الانتخابية.
ولا أزال أحلم أن أصبح كاتبة سيناريو.
مرت الأيام إلى أن أصبحت عضوة في رابطة الكتاب الأردنيين عام ١٩٩١، واستمر شغفي في تأليف الكتب إلى أن وصل عددها حتى الآن إلى ١٦ كتاباً، منها احد عشر كتابا للأطفال واليافعين، وثلاث كتب للكبار، وكتاب سيرة حياتي وسيرة حياة سلوى زيادين.
وآخر كتبي كان “سراج الحصادين” الذي صدر حديثاً عن وزارة الثقافة الأردنية.
في مسيرتي ككاتبة نجاحات كثيرة، وبعض الإخفاقات.
أول هذه النجاحات هو شراء الملكية الأردنية آلاف النسخ من كتابيّ “صديقتي شجرة اللوز” و “أيام صبا الباسمة” لتوزيعها على الأطفال المسافرين.
وثاني هذه النجاحات منحي سنة التفرغ من وزارة الثقافة الأردنية عام ٢٠١١ لإصدار كتابي “حديث الحروف”، وهو من أحب الكتب إلى نفسي.
ومن النجاحات أيضاً عملي مع فريق تحرير مجلة براعم عمان التي كانت تصدر عن الدائرة الثقافية لأمانة عمان كعضو هيئة تحرير المجلة.
وأذكر للراحل عبدالله رضوان أنه شخص شجعني على إصدار كتابي “حكايات العمة عربية”، فقد حدثته عن فكرة الكتاب وهي جمع الروايات الشفوية عن ما يسمى “التعزيب” في الصيف من السلط إلى الكروم في زي، فقال لي: لا تذكري ما قلته لأي شخص وابدأي الكتابة فوراً، وهكذا كان.
ومن محاسن الصدف أن هذا الكتاب معتمد في ثلاث مدارس أهلية في برنامج ال IB للصفوف الابتدائية.
وقد طبعت لي وزارة الثقافة أيضاً كتابين هما، “حديث المرايا والكوابيس” قصص قصيرة، و”سراج الحصادين” لليافعين.
كما طُبع لي كتاب، “اللؤلؤة دانه” في مشروع مكتبة الأسرة. وتبرعت بتحويل هذا الكتاب للغة بريل ليستمتع بها المكفوفيفن من خلال جمعيتهم
أما المقالات، فهي ثروتي التي أعتز بها. إذ كتبت ما يزيد على ٢٥٠٠ مقالاً في كل الصحف الأردنية اليومية والأسبوعية.
أحب أن أقول إن الكتابة فتحت لي أفاقاً وحققت لي أحلاماً وأعطتني دفعة معنوية للاستمرار في عملي كطبيبة أسنان.