
Tag: هدى فاخوري
زِدهُم ولا تُبارك
فيسبوك 28 سبتمبر 2020
أتكلم عن الذين غيَّروا مواقفهم وخانوا مبادئهم، وتحولوا
٣٦٠ درجة، ليحصلوا على مكاسب مادية من المناصب التي مُنحت لهم.
مجموعة من الذين مرّوا في حياتنا في مرحلة من المراحل،
أصبحوا نواباً ووزراء ًوأعياناً ورؤساء مجالس إدارات وغيرها
من المناصب، التي يسعى إليها من يطمعون في الرواتب والأعطيات.
أصبحوا يسكنون الفلل ويمتلكون السيارات الفارهة، ويدرس أبناؤهم في الجامعات الغربية ليتقنوا اللغات التي تؤهلهم لاستلام مناصب الآباء.
اللهمَّ لا حسد، اللهمَّ زدهم ولا تبارك لهم، فهم اغتنوا من عرق جبين الشعب المسكين، الذي يدفع الضرائب من عرق الجبين!
ما يوجع القلب أنهم يُشرّعون لك القوانين التي تؤثر على
حياتك، وتحدد حرية تفكيرك، وتعطّل الإنتاج الثقافي والفكري والاقتصادي والاجتماعي.
هم أقدر من غيرهم على تدمير التطور السياسي والحزبي
الذي يغيّر الحياة السياسية، التي من الممكن أن تكون الرافعة
لحياة سياسية حقيقية في المستقبل.
لقد شكّلوا نموذجاً انتهازياً للأجيال القادمة، وأصبحَ الحل الفردي للإشكال المعيشي، هو الحل المثالي!
أنا وبعدي الطوفان!
يا للعار! لا أبارك لهم قفزاتهم التي جعلت حياتهم أسهل، وصعّبت الحياة على ملايين المواطنين على مدى عقود سابقة ولاحقة.
هم برغي صدئ في ” ماكينة” خربة، وستتوقف الماكنة عن العمل نتيجة لفسادهم الممنهج.
فلا بارك الله فيهم!
أربع سنوات والدم يفور!
فيسبوك 25 سبتمبر 2020
هكذا طوّلت الغيبة على أم ناهض أيها العاق! زرتها مئات المرات منذ غيابك القسري، وكل مرة أسمع هدير الدم يفور في شرايينها، أحس سخونة الدم ولوعة الفراق، تهمس لي تراويح الفقد والوجد وتقول: ما الفائدة؟ لقد غاب الحبيب، هم لا يدركون اللوعة التي خلفها غيابه، كان إبناً باراً لنا ولأسرته، كان يعبد أسرته الصغيرة بل يقدسها، وكنا ننتظر عودته من السفر لأن الحياة كانت تدب في أرجاء البيت، يهرع الأصدقاء إلى الصالون السياسي، ونهرع نحن إلى المطبخ لتحضير عشاء المحبة، كيف للحياة أن تعود إلى طبيعتها بعد غيابه، تتساءل أم ناهض، الله ينتقم من الذين خطفوه منا. يعتقد القتلة الحقيقيون أننا تشفينا بإعدام القاتل المباشر الذي ضغط الزناد، لا واللهِ، هو ضحية وهو أب وصاحب أسرة ستعاني من غيابه، والقتلة الأصليون الذين حرَّضوا وخططوا لاغتيال ناهض يسرحون ويمرحون ويتمتعون بالحياة التي حرموا إبني منها، لن أسامح ولن أنسى، سأظل أدعوا شرفاء الوطن وكل من قرأ حرفا أو كلمة خطّتها يد الشهيد، أن يدافعوا عن حقنا في الاقتصاص منهم، مهما كانت صفاتهم أو مراكزهم ومهما مرّ من زمن، سنظل نلاحق القتلة، بالكلمة والصوت ونشر الكتب ، والبحث عن الفاعل الحقيقي، نحن لنا حق ولن يموت الحق مهما طال الزمن.تمر الأيام ولا يختفي الحزن والإحساس بالفقد والحرمان! لكِ الله يا أم ناهض، وسيظهر الحق مهما طال الزمان.
من وحي صبرا و” شاتيلا “
فيسبوك 16 سبتمبر 2020
زحفتْ تحت الأنقاض، والذاكرة تهتّز ُ مع تساقط الأشياء. ماذا جرى لنا؟ أين الأسرة؟ هل نجا أي منهم؟ ليبقَ لي واحدٌ يا ربي … أتنازل عن أربعة وأرضى بالخامس! وتزحف بين الأنقاض … هذه ساق … ساق من؟ إنها بيجامة أحمد … يا إلهي قُطعت ساقه … لا يهم. المهم أن يحيا. تلك يد … يدُ من هذه؟ إنها يدُ سعدية. يا سعدية حتى لو نقصتِ يداً فأنتِ حبيبتي. أريدك أن تحيي. أين أنتِ يا سعدية، انجدي أمك، ساعديها على الخروج من تحت الأنقاض.
هذا جسد مقطع الأوصال، جسدُ من هذا؟ إنه جسدُ حامد، تقطعت أوصاله والرأس، وبقي جسدك يا حامد. ما يزال حاراً، هل أتيتَ لتنقذني، فخسرتَ رأسك وأطرافك.
لا يهم … المهم أن أجدَ أحدكم … ليبقَ لي واحدٌ يا ربي، وأقبل بالاستشهاد للبقية. هذه عينُ سعيد … أنها العين التي طالما أحببتها، كم أحببتُ نظرتك يا سعيد، كنتُ أتفائل بها دائماً، لا بُدَّ أن أجدك حياً، أنت المحظوظ ! أين بقية الأولاد؟ هنا رأس، إنه رأسُ كمال تنقصها عين واحدة، أين جسدك يا كمال؟ تمزّق … لا بأس … عندي جسد لَكَ، سأركِّب ابني الآن كما أركب الدُمى، سأضع رأسك على جسد حامد وعندي ساق وذراع وعين!
سأصنع ابني الوحيد، هذا هو ابني الجديد، سأتمم أطرافه وساقه وعينه وأعيش معه.
العيون تتفتح وهو ينظر إليّ ويقول: الحمد لله يا أمي إنك موجودة، فأنا أريد أن أعيش معك وأساعدك على تجاوز المأساة، ونبقى معاً لنشكل أسرة جديدة.
لا تخافي يا أمي، أنا أبناؤك جميعهم، كل عضو ممثل في هذا الجسد، ومع الزمن ستتآلف أعضاء هذا الجسد ويعيش من أجل الأمل الذي تحلمين به.
سأعيش يا أمي لأجلك … لأجلك أعيش.
كَتبتُ هذه القصة المحزنة في جريدة الدستور الأردنية بتاريخ ١٩٨٨/١٢/١٧
أعيد نشرها الآن في ذكرى مذبحة صبرا وشاتيلا. هل من يتَّعظ!